التجربة المغربية في الأوقاف

عرفت سنة 2010 بالمغرب ميلاد مدونة للوقف ضمت بين دفتيها تنوعا في القواعد القانونية ذات الطبيعة المزدوجة الموضوعية والإجرائية والتي تعنى بتنظيم منظومة الأحباس وذلك بعد خضوعها منذ زمن ليس باليسير لمقتضيات عديدة في ظهائر مختلفة.
وفي إطار المدلول الوظيفي للفصل 19 من الدستور السابق جاء في ديباجة الظهير الشريف رقم 1.09.236 الصادر بتاريخ 23 فبراير 2010 المتعلق بمدونة الأوقاف ما يلي: "...وفقا لهذا المنهج، قررنا إصدار مدونة للأوقاف تجمع الأحكام الفقهية المتناثرة للوقف، وتحسم التضارب في أموره المختلفة، وتعيد تنظيم أحكامه القانونية شكلا ومضمونا، بما يضمن تقيدها بأحكام الفقه الإسلامي، ويضفي عليها طابعا عصريا متميزا...".
و زاد من فاعلية هذه المدونة وأهميتها على مستوى القيمة التشريعية، صدور كل النصوص التنظيمية المتعلقة بها بشكل يسر عملية الرجوع اليها وسهل ضبطها وحسن تطبيقها.
لقد أسست المقتضيات التشريعية المضمنة في المدونة الجديدة لمستجدات متميزة نوجز البعض منها في مايلي:
- تدوين أحكام الوقف وتقنينها في قالب شكلي يضمن سهولة الاطلاع على الأحكام ويوحد العمل بها،
- ربط نزع ملكية الأوقاف العامة والمشتركة بموافقة السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف،
- توسيع نطاق المادة 361 من قانون المسطرة المدنية وذلك بإيقاف تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في دعاوى الأوقاف العامة المطعون فيها بالنقض من لدن القطاع الوزاري المعني بتسيير هذه الأملاك،
- إحداث جهاز ذي دور رقابي يتمثل في المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة،
- تنظيم كيفية تصفية الحقوق العرفية المنشأة على الأوقاف العامة...الخ.
وتركت المدونة باب الإجتهاد مفتوحا لصالح الأوقاف بتنصيصها في المادة 169 على أنه: " كل ما لم يرد في هذه المدونة يرجع فيه الى أحكام المذهب المالكي فقها واجتهادا بما يراعي فيه تحقيق مصلحة الوقف.".
وفي إطار مبادرة علمية جدية، تخصص مجلة الحقوق عبر سلسلة " المعارف القانونية والقضائية "، الإصدار.... لسنة 2017، مؤلفا قيما بعنوان: " التجربة المغربية في الأوقاف صرفا، وتقنينا، واستثمارا " للأستاذ الباحث والخبير المتخصص د. عبد الرزاق اصبيحي، الذي استطاع بتجربته المهنية الرائدة ومساره العلمي الناجح، استثمار المعطيين المذكوريين لتقديم هذا المنتوج العلمي الهادف الذي أحاط من خلاله بنظام الوقف صرفا وتقنينا واستثمارا، وهو ما يحسب له ايجابا.
وسيجد القارئ المهتم تنوعا في محاور هذا المؤلف وجدة في طرح الإشكالات المرتبطة بها.
نتمنى للجميع استفادة واسعة وقراءة ممتعة.