دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية

دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية

كنت أشعر خلال الرحلة الأميرية بمتعة مزدوجة : أولاً لأني أجد نفسي رفقة أمير يسهم بجهده - على صغر سنه - ليؤدي واجبه نحو وطنه، ثانيةً أنني كنت أعيش في الوقت ذاته مع حدث مماثل قرأت عنه وكتبت. وقد جرى قبل قرنين ونصف من الزمن : أمير صغير السن سافر وهو ولي للعهد عبر إيالات المشرق صحبة وفد مماثل فيه الوزير والسفير والعقيد والطبيب والأستاذ والمساعد والرفيق...
عندما كنت أقرأ عن أمير صغير من البيت الحاكم في طرابلس يبعث به والده الباشا لظاهر العاصمة لمؤانسة سيدي محمد ولي عهد المغرب بالأمس، وعندما كنت أرى اليوم الرذيس سيكوتوري يبعث بصغيره (مامادو) مصحوبا بابني الزعيم الإفريقي باطريس لومومبا ليحضرا مع سيدي محمد ولي عهد المملكة المغربية اليوم، طعام الإفطار في ضواحي كوناكري...
وعندما كنت أسمع المدافع ترسل إحدى وعشرين طلقة تحية لسيدي محمد هذا في لاغوس، كنت أستعيد تماما الصورة التي أداها الوزير الإسحاقي وهو يكتب عن سيدي محمد سابق عندما كان في طرابلس.
«وخرج ولد صاحب طرابلس في لمة من أصحابه مع أهل البلد رجالا ونساء.. وأخرج مدافع كبارا سلاما على ولد السلطان نصره الله على عادة أهل البحر في التسليم والتوديع بالمدافع..» على حد تعبير الوزير الإسحاقي.
عندما كنت أرى أمامي رفاق الرحلة على اختلاف تخصصاتهم ومشاغلهم واهتماماتهم... كنت أتصور تماما رفاق رحلة ما قبل قرنين ونصف من الزمان عندما كان ولي العهد سيدي محمد يجد نفسه مع وزير والده، وجليس سيده ومع أستاذه ومع طبيبه ومع شعرائه ورجال أمنه وأخيرا مع رفاقه الصغار...
وعندما كنت أرى ما كانت نعبر عنه الأريحية المغربية في الرحلة الحالية... كنت كذلك أستعيد الذاكرة حول ما سجله الوزير الإسحاقي عن هدايا الرحلة الماضية.
وعندما كنت أعيش الاستعدادات الدقيقة التي رافقت الرحلة والظروف الجيدة التي تمت فيها، كنت أتصور كذلك تلك الرحلة بما توفر لديها من إمكانات جعلتها تفرض توقيتها وخطة سيرها وطريقة حياتها بالرغم من ظروف إقليم برقة الذي كان مرتادوه يشبهون اليوم هؤلاء الذين يرتادون القمر !!
ومن جهة أخرى فقد كنت أجد نفسي في وضع المقارن المفارق بين الانطباعات التي أسجلها عن هذه الديار وأنا أعيش رمضان 1400 وبين الإفادات التي سجلها من قبلي الرحالة المغربي ابن بطوطة وهو يعيش في غرب إفريقيا رمضان 753 هـ، فلقد استقبلتنا هناك جالية مغربية على نحو ما وجد ابن بطوطة منذ ستة قرون ونصف القرن !
وقد شاهدنا تشريفات دقيقة وتقاليد مرعية على نحو ما تحدث به ابن بطوطة من ممالك السودان على ذلك العهد.
وعندما قدم المستقبلون عروضهم الفولكلورية وارتدوا الريش ولبسوا الأقنعة كنت أتصور ابن بطوطة عن ممالك السودان على ذلك العهد.
وعندما قدم المستقبلون عروضهم الفولكلورية وارتدوا الريش ولبسوا الأقنعة كنت أتصور ابن بطوطة وهو بتحدث عن نفس المشهد الذي جرى بمحضر كبار القوم !
وعندما كنا نؤدي صلاة الجمعة مع المؤمنين كنت أتشخص أمامي الشوارع القريبة من المسجد يفترشون فيها سجادهم واعتماد المصلين على ترجمة الخطيب لما يقرأه بادئ الأمر بلغة القرآن...

Caractéristiques

  • Auteur: D.Abdelhadi Tazi
  • Nbr de Pages: 120 pages
  • Format: 16 x 24 cm
  • Prix: 25,00 Dhs

Collections Scolaires

Contact

10, Avenue Al Fadila - CYM, Rabat, Maroc
Tél : 05 37 79 57 02 | 05 37 79 69 14
Fax : 05 37 79 03 43
Email (Service Administratif et financier): darnachrelmaarifa@gmail.com
Email (Service Edition): darnachrmaarifa@menara.ma