التوجهات الحديثة للقانون الإداري

تبدو مسألة الجمع بين قواعد القانون الإداري وقواعد القانون الخاص مسألة غير متجانسة ذلك أن تاريخ نشوء القانون الإداري هو تاريخ الفصل النهائي مع نظام القضاء العادي، وبالتالي استبعاد تطبيق قواعد القانون الخاص على المنازعة الإدارية، على أساس أنهما متقابلين دون إمكانية الالتقاء بينهما، لذلك نجد العميد جورج فيدل ذهب إلى اعتبار أن القانون الإداري استمد كل أصالته عندما لا يجد القاضي الإداري في قواعد القانون الخاص - التي أعدت أصلا التسيير العلاقات بين الخواص - الحل بالنسبة للمنازعات الناتجة عن تسيير المرافق العامة المتمتعة بامتيازات السلطة العامة.

إذن فالقانون الإداري لم يتشكل بصورة واضحة إلا بتميزه عن قواعد القانون الخاص، وأن القرن التاسع عشر تميز بتشبع فقهاء القانون الإداري بثقافة متجذرة في قواعد القانون الخاص وذلك للتكوين الأكاديمي الذي أثر على هؤلاء الفقهاء والمرتكز أساسا على قواعد القانون المدني لهذا نجد أن البعض تناول الأجهزة الإدارية وكذا المرافق العمومية بالوصف التقني لها. أما البعض الآخر فقد اقتصر على عملية استنتاج بعض القواعد القانونية اعتمادا على مناهج مماثلة لتلك المناهج المتعلقة بالقواعد المدنية، وهو الشيء الذي أعطى انطباعا بإلحاق القانون الإداري بالقانون الخاص.